21 أكتوبر 2015    

مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة القلعة يؤيد سياسات المركزي لتعويم الجنيه تدريجيًا ويدعو لتبني خطة متكاملة لتحسين منظومة أمن الطاقة

قال أحمد هيكل مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة القلعة أن هناك الكثير من الإيجابيات والبشائر التي أسهمت بصورة مباشرة في تحسين الأوضاع الاقتصادية خلال الفترة الماضية، وأبرزها استقرار الحالة الأمنية ونجاح الحكومة في تدارك مشكلات إمدادات الطاقة من خلال زيادة الأسعار للمشروعات الصناعية وتسوية المستحقات المتأخرة لشركات البترول العالمية وطرح أنشطة استكشافية جديدة للتنقيب عن النفط والغاز.
وأوضح رئيس شركة القلعة، وهي شركة رائدة في استثمارات الصناعة والبنية الأساسية بمصر وأفريقيا، أن تلك الجهود تكللت مؤخرًا بالإعلان عن اكتشاف حقل غاز "ظهر" الذي حققته شركة إيني الإيطالية، والذي بدوره سيفتح الباب لاكتشافات جديدة في البحر الأبيض المتوسط نظرًا للطبيعية الجيولوجية للمنطقة، وهو ما يعني تغيير قواعد اللعبة كليًا على المدى المتوسط.
جاءت كلمات هيكل خلال مشاركته بالجلسة الافتتاحية لمؤتمر أخبار اليوم الاقتصادي الثاني، والذي تنعقد فعالياته بالقاهرة على مدار يومين تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبمشاركة واسعة من الوزراء وكبار المسئولين الحكوميين ونخبة من رجال الأعمال والشخصيات العامة ووسائل الإعلام والصحافة.
ولفت هيكل خلال كلمته أن بعض التحديات التي يشهدها الاقتصاد المصري الآن هي انعكاس للأوضاع غير المواتية على الساحة الإقليمية والعالمية، بما في ذلك تداعيات التباطؤ الاقتصادي العالمي والتي أثرت سلبًا على الصادرات المصرية خلال الفترة الماضية. وأسفر ذلك – من بين أسباب أخرى – عن تفاقم أزمة نقص الدولار وزيادة التضخم في الأسعار نتيجة انخفاض مخزون السلع وارتفاع تكاليف الخدمات.
ومن جهة أخرى تحدث هيكل عن التحديات التي تواجه الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، وأبرزها عدم إصدار الحكومة المصرية والبنك المركزي ضمانات بالعملة الأجنبية لمشروعات الطاقة المستقلة، غير أن هيكل أشاد بعدم تسرع الحكومة والبنك المركزي في إصدار تلك الضمانات التي قد تزيد من حدة أزمة العملة الصعبة في مصر.
وأكد هيكل أنه على قناعة بسلامة سياسات البنك المركزي في التعامل مع تخفيض قيمة الجنيه مقابل الدولار بصورة تدريجية، مشيرًا إلى وجود مدرستين لحل مشكلة سعر الصرف منها النزول الهادئ، أو أن يتم ترك السعر للسوق، غير أن أحدًا لا يعرف إلى أين سيصل الدولار لو تم ترك سعره للسوق في ظل الوضع الحالي ومحاولة البنوك تغطية الاعتمادات الدولارية وتوزيعات الأرباح وتحويلات أرباح مستثمري البورصة الأجانب وقطاع خاص يتجه للمراكز الدولارية، وبالتالي سياسة البنك المركزي حاليًا هي الأفضل.
وشارك هيكل كذلك بالجلسة المسائية التي ناقشت إصلاحات سياسات الطاقة، حيث تحدث مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة القلعة عن الحاجة الملحة لتطوير وتحسين منظومة أمن الطاقة من خلال تأمين الإمدادات وكذلك تعزيز مستويات الكفاءة.
وأوضح هيكل أن تحقيق التعافي الاقتصادي المستدام يتطلب عزيمة متجددة لاتخاذ الخطوات الحاسمة نحو إصلاح منظومة الطاقة بما يضمن تأمين احتياجات المواطنين والمشروعات الصناعية على حد سواء، مع مراعاة احتياجات ومتطلبات الفقراء.
واستطرد هيكل أن مصر تستهلك حوالي 80 مليون طن سنويًا من المنتجات البترولية ويبلغ الدخل القومي حوالي 280 مليار دولار، في حين أن تركيا التي يبلغ دخلها القومي 800 مليار دولار – أي حوالي 3 أضعاف الدخل القومي المصري – تستهلك 120 مليون طن سنويًا من المحروقات. ويعني ذلك أن تركيا تتفوق على مصر بنحو 50% في كفاءة استهلاك الطاقة.
التساؤل يثور هنا ليس عن أسباب التفوق التركي في الاستفادة من الموارد الطبيعية، ولكن عن أسباب افتقارنا الشديد للكفاءة. ويرجع ذلك ببساطة إلى عدة جزئيات، أولها سوء تسعير الطاقة لفترة زمنية طويلة وهو ما أدى بدوره إلى تشجيع وتوطين العديد من الصناعات غير الملائمة للسوق المصري، وأبرزها صناعة الأسمدة على سبيل المثال. وأدى ذلك من جهة أخرى إلى القضاء على صناعات نحن في أشد الحاجة لتطويرها، مثل تدوير المخلفات.
الجزئية الثانية حسبما أوضح هيكل تتعلق بضعف ومحدودية الاستثمار في مشروعات النقل والنهري والسكك الحديدية، وهو ما يرجع بصفة أساسية إلى انخفاض سعر السولار – الأمر الذي يحول دون الاستفادة من المزايا التنافسية الهائلة لنقل البضائع باستخدام النقل والنهري والسكك الحديدية سواء من ناحية التكلفة الاقتصادية أو البيئية، فضلاً عن عدم تطبيق حدود الأوزان على الطرق.
كما أن لدينا إرث العقود المتتالية من نظام الدعم العقيم الذي يشجع ثقافة الهدر دون أن يذهب ذلك الدعم إلى المستحقين الحقيقيين. وهناك أيضًا ضعف الاستثمار في مشروعات النقل العام وعدم تطبيق قواعد البناء بأي من المنشآت العامة أو الخاصة، بما في ذلك حلول العزل الحراري التي تساهم في ترشيد استهلاك الطاقة، وذلك على سبيل المثال وليس الحصر.
واختتم هيكل أن مصر أصبحت بحاجة إلى خطة متكاملة لترشيد استهلاك الطاقة على مدار 15 - 20 عامًا حتى تتخلص من الأعباء التي نتحملها اليوم بسبب المشكلات المترتبة على قصور نظام الدعم والتي بدأت تتفاقم بوتيرة مخيفة منذ عام 2004. والسؤال هنا عما إذا كانت تتوافر لدينا العزيمة والإرادة – صناع السياسات وقيادات مجتمع الأعمال وكذلك جمهور المستهلكين على حد سواء – لتبني ممارسات وسياسات أكثر كفاءة يترتب عليها حل المشكلات على جانب الطلب من معادلة الطاقة.
جدير بالذكر أن قطاع الطاقة يمثل أحد المجالات المحورية التي تستثمر بها شركة القلعة. وتضم استثمارات القلعة في قطاع الطاقة مشروعات توزيع الطاقة وتوليد الكهرباء (شركة طاقة عربية)، وتكرير البترول (الشركة المصرية للتكرير – أكبر مشروع قطاع خاص تحت الإنشاء حاليًا في مصر)، وكذلك مشروعات تحويل المخلفات إلى وقود بديل (شركة توازن)، ومشروعات تخزين وتداول المنتجات البترولية (شركة مشرق).